بعد تساؤله سابقًا عن حضور الجزر في محادثات المغرب وإسبانيا.. رئيس حكومة الكناري يطرح مراجعة شاملة لنظام الحكم الذاتي
أعاد رئيس حكومة جزر الكناري، فرناندو كلافيخو، فتح ملف تطوير نظام الحكم الذاتي للأرخبيل، داعيًا إلى إطلاق مسار تفاوضي جديد مع مدريد يفضي إلى توسيع ملموس لصلاحيات الجزر، بما يتيح لها حضورا مؤسساتيًا أقوى في القضايا التي تمس محيطها الجغرافي ومصالحها الاستراتيجية، ولا سيما الملفات المرتبطة بالعلاقات مع المغرب، وذلك في سياق أعقب تساؤلات علنية كان قد طرحها مؤخرا بشأن غياب جزر الكناري عن المحادثات الرفيعة المستوى التي جمعت الرباط ومدريد مؤخرا.
وخلال مشاركته، أمس الجمعة، في لقاءات مؤسساتية متخصصة خُصصت لتقييم تنزيل مقتضيات الحكم الذاتي، شدد كلافيخو على أن إصلاح 2018، رغم أهميته السياسية والدستورية، لم يكن محطة ختامية، بل شكل منطلقا لمسار كان من المفترض أن يتطور تدريجيا نحو نقل فعلي للاختصاصات.
غير أن هذا المسار، يضيف المسؤول الكناري، اصطدم بسياقات استثنائية، من توالي الأزمات السياسية في إسبانيا، إلى تداعيات جائحة كوفيد-19، وصولا إلى هشاشة التوازنات البرلمانية التي أعاقت استكمال الأوراش المفتوحة.
وفي هذا السياق، اعتبر رئيس حكومة الكناري أن توسيع الصلاحيات لا ينبغي أن يُقرأ فقط من زاوية تقنية أو إدارية، بل كرافعة لتحسين تدبير الخدمات العمومية وتعزيز قدرة المؤسسات الجهوية على الاستجابة لخصوصيات الأرخبيل، مؤكدا أن التنزيل العملي لمضامين الحكم الذاتي يقتضي شراكة واضحة ومستقرة مع الدولة المركزية، قائمة على تفعيل ما يتيحه الدستور من إمكانيات لم تُستثمر بعد بالشكل الكافي.
هذا التوجه وجد صداه أيضا في مداخلة نائب المستشار القانوني لحكومة جزر الكناري، خورخي رييسترا، الذي رأى أن الإشكال لا يكمن فقط في توسيع نطاق الصلاحيات، بل في منحها فعالية قانونية ومؤسساتية حقيقية، عبر مراجعة الترسانة التشريعية والتنظيمية السابقة وملاءمتها مع روح النظام الذاتي الجديد، خصوصا في القطاعات المرتبطة بالتراب، والسواحل، والأمن، وتداخل الاختصاصات بين الإدارات.
وفي بعده الخارجي، توقف رييسترا عند مسألة حضور جزر الكناري في المحادثات والمنتديات الدولية التي تجمع إسبانيا بالمغرب، معتبرا أن عددا من القضايا المطروحة في هذه اللقاءات، من الهجرة إلى الصيد البحري والمجال البحري، تؤثر بشكل مباشر على الأرخبيل، موضحا أن نظام الحكم الذاتي ينص، من حيث المبدأ، على هذا الحضور، غير أن غياب التفعيل التشريعي جعل الكناري خارج دوائر القرار، رغم ارتباطها العضوي بملفات ذات بعد استراتيجي.
وتتقاطع هذه المواقف مع التصريحات التي كان قد أدلى بها فرناندو كلافيخو عقب انعقاد القمة الرفيعة المستوى بين المغرب وإسبانيا، حيث عبّر حينها عن ضرورة إشراك جزر الكناري في أي نقاشات ثنائية قد تكون لها انعكاسات مباشرة على الأرخبيل.
وهي مخاوف سعت مدريد إلى احتوائها، إذ بادر وزير الخارجية والتعاون الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، إلى طمأنة رئيس حكومة الكناري، خلال اتصال هاتفي، مؤكدا أن القضايا المتعلقة بالأرخبيل لم تُدرج، لا بشكل مباشر ولا غير مباشر، ضمن جدول أعمال القمة.
وحملت تلك الرسالة، دلالة سياسية واضحة تهدف إلى تهدئة الهواجس المحلية المرتبطة بإمكانية اتخاذ قرارات ثنائية قد تُفسر على أنها تمس السيادة الإقليمية لجزر الكناري، في وقت يتزايد فيه النقاش الداخلي حول حدود تمثيلية الأرخبيل داخل السياسة الخارجية الإسبانية وهو ماعير عنه فرناندو كلافيخو أمس الجمعة بشكل صريح .




